دي ريم يا بابا

الحب مرض ..
فهو اختلال في العواطف تتبعة اضطرابات جسدية عديدة .. ليس ارتفاع معدل نبضات قلبك حين ترى ست الاسم باولها .. ولا اخرها انقباض معوي حين تتصل بها على موبايلها الساعة الواحدة صباحا لتبثها شوقك فتفجأك بت موبيتل أن عفوا الرقم الذي اتصلت به مشغول الأن الرجاء الانتظار لحظة او معاودة الاتصال لاحقا .. و هما خياران احلاهما مر .
هذا المرض قديم قدم الانسان .. موجود منذ ان كان البشر صنفين .. ذكر و أنثى .. قبل ان تتعدد الأنواع من رجال كالاناث و اناث كالرجال .. و مخلوقات اخرى بين بين .
و العرب سادة العشق و الحب .. و شعرهم مرجع لا مطلب بعده .. و كذا كتاب ابن حزم الاندلسي الظاهري طوق الحمامة . فان كنت من طلاب الهوى فعليك بهذا الكتاب .
و الوصال شفاء الحب .. و هذا الوصال خشم بيوت .فمن الوصال ذكرك الدائم للمحبوب .. فتكثر الحديث عنه بسبب و هو نادر و بدون سبب و هو الاغلب .
و يقول العرب من احب شئ اكثر ذكره . فتجد العاشق في مجلس غاص باصناف البشر يتحدثون عن مباراة هلال - مريخ او ارسنال - ليفر بول حسب التصنيف الطبقي للمتحدثين .. فيهب صاحبنا ذاكرا ان الكورة كانت سمحة رغم انو الهجمة الفلانية ما شافا لأنو لبنى ضربت ليو !! و تبدو هذه شتارة لبعض حسني النية ..السألو من لبنى منو هسه ؟ لكنها في الحقيقة احتيال للوصال بذكر اسم ست الاسم .
و من انواع الوصال تعمد المرور ببيت المحبوبة او مدرستها او جامعتها او محل عملها ..
كقول احمد بن عثمان الكاتب :
و اني ليرضيني الممر ببابها و اقنع منها بالشتيمة و الزجر
بالذمة دا كلام ؟
لكنك تجد العاشق و هو عائد من مكان عمله في الخرطوم العمارات الى منزله بام درمان الفتيحاب يتعمد المرور ببحري شمبات الحلة .. بحجة انو الشوارع زحمة شديد .. و ما به الا تقصد المرور ببيت المحبوبة فربما اسعده الحظ برؤيتها .. او يكتفي بان يعلق شوقه بباب بيتهم الازرق اللون الذي حبب اليه فريق الهلال و البحر و السماء و الجينز الازرق و عربات الدورية و ربما حبوب من زات اللون بعد زمن و زمن .
و التلاقي قمة الوصال .. و جرت سنة العشاق ان يكون الوصل ليلا .. منذ ان كان العاشق يستخفي ليحادث حبيبته في بيداء العرب .. و هي السنة التي عبرت عنها الجارية الكوفية بقولها :
لو كان حقا ما تقول لزرتنا ليلا اذا هجعت عيون الحسد
و في السودان قديما كان التلاقي يحتاج الى كثير احتيال تصوره لك الاغنيات السودانية كيوم افكاري حياري وضاعت باختياره و قلبي تاه في يوم الزيارة .. و هي زيارة المستشفى .. ثم من الله على العشاق ببيت الخياتة .. و درس العصر .. و الدراسة و العمل المختلطين .. قبل ان يأتيهم الفتح باختراع الموبايل .فعندما كانت الهواتف الثابتة هي احدى وسائل تحديد موعد اللقاء ( كانت من الوسائل وصايا الصديقات التي اثبت الزمن انها كانت تؤدي لغير الغرض المطلوب منها بدافع الحسد او الغيرة ) على زمن دار الهاتف كان العاشق يحتاج الى اكثر من محاولة للاتصال بفتاته ..
في المرة الاولى يرد عليه والدها فيسأله بتوتر : محمد موجود يا عم ؟
فيخبره العم ان محمد العندهم عمره اربعة اشهر و هو طبعا موجود لكنه لا يستطيع الرد على الهاتف .
و في المحاولة الثانية ترد الام ليزوغ صاحبنا سريعا بان يقول : دكان اولاد ملاح ؟ بالله دايرين شوال شعيرية .
فتخبره الام التي قلبها دليلها انو دكان اولاد ملاح في ام درمان و بالتأكيد اول ارقام تلفونهم خمسة بينما رقمهم في الخرطوم اوله سبعة كما ان الشعيرية لا تباع بالشوال .
المحاولة الثالثة قد تنجح فقط لتخبره فتاته انها الليلة معزومة خطوبة ابتسام بت خالتا و بالتالي حتجلي بيت الخياتة و ضمنيا المقابله المعتادة تحت عمود الكهرباء في اول الشارع .
اما على زماننا هذا فتكفي ضغطة زر واحده للاتصال السريع فيغني تلفون الفتاة : يااااه سحر عيونو و نظراتو .. و تشيل تلفونا تحت نظرات الاب المستغربة لتسرع للرد على حبيب القلب .و لما كانت الساعة الثانية عشر بعد منصف الليل و الاب من النوع الحمش القديم الذي يعتبر ان وجود البنت خارج البيت حتى الرابعة عصرا جريمة تقتضي اقامة الحد فانة يتسلل خلف الفتاه بهدوء و يرقب نظرة الهيام المرسومة على عينيها و هي توسوس في التلفون حتى يشك انها تسمع نفسها .. و يسألها و الهواجس تلعب في داخله : بتكلمي منو يا بت ؟ فتجيب البنت بشحتفة و طلوع روح : دي ريم صاحبتي يا بابا .
و هي ريم تعاني من زيادة في هرمونات الذكورة و عندها شنب و نوعها في شهادة الميلاد ذكر.
و ربما يلاحظ الاب ارتفاع ملحوظ في معدل مكالمات ريم مع ابنته مصحوب بوسوسة دائمة و سرحان غير مفهوم لديه .
حتى يفاجأ بابنته تبكي في يوم و حالتا كرب .. و حين يسأل عن السبب تقول له : ريم خلتني يا بابا .
و هنا يحتاج الاب الى اكثر من الدعاء ليثبت الله علقله حتى يفهما صاح .

هناك تعليقان (2):

  1. lool.. reem '7alatni! da kalam tani ya basha! makala lazeeza wo zareefa :)

    ردحذف
  2. Indeeed you one of the kind

    thanx again for joy you give us.

    Stay well

    ردحذف